Cherreads

Chapter 5 - الفصل 5

كانت بين يديّ، ولم أجد عزاءً. وحين سحبتُ كفّيّ بعد قليل، كانت قد عادت، بيضاء لامعة، جميلة، فاندفعتُ نحوها واحتضنتُها!

كانت تلك لحظة سعادةٍ خالصة. لقد عرفتُ الفرح من قبل، لكن ليس كهذا — هذا كان نشوةً كاملة. ومنذ ذلك الحين، لم أشكّ فيها أبدًا. كانت أحيانًا تغيب — ربما لساعة، وربما ليومٍ كامل — لكنني كنتُ أنتظرها، دون شكّ أو قلق. كنتُ أقول لنفسي: «إنها مشغولة، أو خرجت في رحلة، لكنها ستعود». وحقًا، كانت تعود دائمًا.

في الليل، لم تكن تأتي إن عمّ الظلام، فهي مخلوقٌ صغير خجول؛ لكنها كانت تأتي إن أضاء القمر. أما أنا، فلا أخاف الظلمة، فهي أصغر منّي سنًّا — وُلدت بعدي. زرتُها مرارًا كثيرة؛ فهي سلوى نفسي، وملاذي حين تضيق بي الحياة — بل هي الحياة نفسها حين تضيق.

الثلاثاء

قضيتُ الصباح كلّه أعمل على تحسين الأرض. تعمّدتُ الابتعاد عنه، على أمل أن يشعر بالوحدة فيأتي إليّ. لكنه لم يفعل.

وعند الظهيرة، تركتُ عملي، واستسلمتُ للراحة، أتنقّل مع النحل والفراشات بين الأزهار — تلك المخلوقات البديعة التي تلتقط ابتسامة الاله من السماء وتحتفظ بها! جمعتُها وصنعتُ منها أكاليل وأكاليل، وارتديتُها وأنا أتناول غدائي — وكان التفاح، بالطبع — ثم جلستُ في الظل، أتمنى وأنتظر. لكنه لم يأتِ.

لكن لا بأس. لم يكن سيحدث شيءٌ على أي حال، فهو لا يُحب الزهور. يراها تافهة، لا يُفرّق بينها، ويظنّ أن هذا شعورٌ سامٍ! لا يُبالي بي، ولا بالزهور، ولا بالسماء الملوّنة عند الغروب. فبماذا يُبالي إذًا؟ أهو بناء الأكواخ ليحتمي بها من مطرٍ طيّبٍ نقيّ؟ أم قرع البطيخ وتذوّق العنب ولمس ثمار الأشجار ليرى مدى نضجها؟

وضعتُ عودًا يابسًا على الأرض، وحاولتُ أن أحفر فيه بثانٍ، لتنفيذ فكرة كانت تخطر ببالي. لكن سرعان ما انتابني فزعٌ عظيم؛ إذ ارتفعت من الحفرة طبقة شفّافة رقيقة تميل إلى الزرقة! تركتُ كل شيء وركضتُ هاربة! ظننتُها روحًا، وارتعدتُ خوفًا!

لكنني التفتُّ خلفي، فلم أرَ شيئًا يلاحقني؛ فأسندتُ ظهري إلى صخرة، ألهثُ وأدع أطرافي ترتجف حتى هدأت. ثم زحفتُ بحذرٍ عائدَة، متيقّظة، أُراقب مستعدّة للهرب إن لزم الأمر.

وحين اقتربتُ، فرّقتُ أغصان وردةٍ صغيرة، ونظرتُ من خلالها — تمنّيتُ لو كان هو هنا ليراني، فقد كنتُ أبدو ماكرةً وجميلةً جدًّا — لكن العفريت اختفى.

تقدّمتُ أكثر، فرأيتُ في الحفرة شيئًا من الغبار الورديّ الرقيق. لمستُه بإصبعي، فقلتُ: «آه!» وسحبتُها سريعًا. كان ألمًا حارقًا! وضعتُ إصبعي في فمي، ووقفتُ أولًا على قدمٍ واحدة ثم الأخرى، أتأوّه وأتنهّد حتى هدأ الألم. ثم غلبني الفضول، وعدتُ أتأمل ما رأيت.

كنتُ أتساءل: ما هذا الغبار الوردي؟ وفجأة، خطر لي الاسم، رغم أنني لم أسمع به من قبل: النار!

كنتُ واثقة كما لو أن الكون كلّه يؤكّد لي ذلك. دون تردّد، نطقتُ بالاسم: النار.

لقد خلقتُ شيئًا لم يكن موجودًا من قبل. أضفتُ إلى خصائص هذا العالم شيئًا جديدًا لم يعرفه أحد. أدركتُ ذلك، وشعرتُ بفخرٍ كبيرٍ بإنجازي. وكنتُ أهمّ بالركض نحوه لأخبره — طمعًا في أن أرفع قدري في نظره —

More Chapters