Cherreads

Chapter 2 - الفصل 2

فبكيتُ قليلًا، وهو أمرٌ طبيعيّ، على ما أظن، لشخصٍ في مثل سِنِّي. وبعد أن استرحتُ، حملتُ سلَّةً صغيرة، وانطلقتُ نحو حافّة الدائرة، حيث كانت النجوم قريبةً من الأرض، وكنت أستطيع التقاطها بيديَّ، وهو ما بدا لي أفضلَ على أيّ حال، لأنّي سأجمعها برفقٍ حينها، دون أن أكسرها.

لكن المسافة كانت أبعد ممّا تخيّلت، وفي النهاية اضطررتُ إلى التخلّي عن الأمر؛ كنتُ مُتعبةً جدًّا، لا أستطيع جَرّ قدميَّ خطوةً أخرى، وكانت تؤلمني بشدّة.

لم أستطع العودة إلى المنزل، فقد كان بعيدًا والهواء بدأ يبرد. غير أنّي وجدتُ بعض النمور، فاستلقيتُ بينها، وكنتُ في غاية الراحة. أنفاسها كانت عذبةً ومنعشة، لأنّها تعيش على الفراولة. لم أرَ نمرًا من قبل، لكنّني عرفتها في لحظةٍ من خطوطها الجميلة. لو استطعتُ الحصول على إحدى تلك الجلود، لكانت ثوبًا فاتنًا!

اليوم بدأتُ أفهم المسافات على نحوٍ أفضل. كنتُ متلهفةً لكلّ ما هو جميل، فأسرعتُ لالتقاطه بحماسةٍ مفرطة، أحيانًا عندما يكون بعيدًا جدًّا، وأحيانًا عندما لا يفصلني عنه سوى ست بوصاتٍ، لكنّه يبدو كأنّه قدمٌ كاملة — ويا للأسف، كانت الأشواكُ بيننا!

تعلّمتُ درسًا، بل وابتكرتُ قاعدةً، كلُّها من رأسي — أوّل قاعدةٍ لي على الإطلاق:

«التجربةُ المُخدوشةُ تتجنّبُ الشوك.»

وأظنّها جيّدةٌ جدًّا لشخصٍ صغير السن مثلي.

تَبِعتُ "التجربةَ" الأخرى، بعد ظهر أمس، من بعيد، لأرى ما قد تكون عليه، إن استطعتُ. لكنّي لم أستطع التمييز. أظنّه رجلًا. لم أرَ رجلًا من قبل، لكنّه بدا كرجل، وأنا على يقينٍ من ذلك. أشعرُ بأنّ فضولي نحوه أكبر من فضولي تجاه أيّ من الزواحف الأخرى.

إن كان زاحفًا — وأظنّه كذلك — فله شعرٌ أشعث، وعيونٌ زرقاء، ويبدو كزاحفٍ غريب. لا وِركَ له؛ يتناقصُ كالجزر، وعندما يقف، يتمدّد كالرافعة! لذا أظنّه زاحفًا، وإن كان لا يُستبعد أن يكون "عمارةً"!

كنتُ خائفةً منه في البداية، وكنتُ أركض كلّما استدار، ظننتُ أنّه سيُطاردني؛ لكنّي اكتشفتُ أنّه يحاول الهرب فقط. حينها لم أعد خائفة، بل تتبّعتُه ساعاتٍ طويلة، من مسافة عشرين ياردة، حتى بدا عليه القلقُ والضيق، وصعد في النهاية إلى شجرة. انتظرتُ طويلًا، ثمّ استسلمتُ وعدتُ إلى المنزل.

واليوم تكرّر الأمر ذاته. لقد جعلتُه يصعد الشجرة مرّةً أخرى.

الأحد

لا يزال هناك، يبدو أنّه يستريح. لكنّها حيلة؛ فالأحد ليس يوم الراحة، السبت هو المخصَّص لذلك. يبدو لي أنّه مخلوقٌ يعشق الراحة أكثر من أيّ شيءٍ آخر. أمّا أنا فسأتعب من الراحة لو طال أمدها. يُرهقني مجرّد الجلوس ومراقبة الشجرة.

أتساءل: ما فائدتها أصلًا؟ لا أراها تفعل شيئًا أبدًا.

لقد أعادوا القمر الليلة الماضية، وكنتُ في غاية السعادة! أعتقد أنّ هذا تصرّفٌ نبيلٌ منهم. لقد انزلق وسقط مجدّدًا، لكنّي لم أشعر بالضيق؛ فحين يكون المرء بين جيرانٍ كهؤلاء، لا داعي للقلق — سيعيدونه حتمًا.

ليتني أستطيع أن أفعل شيئًا لأُظهر امتناني؛ وددتُ لو أُرسل إليهم بعض النجوم، فلدينا أكثر ممّا نحتاج. أعني أنا، لا نحن، لأنّي أرى أنّ هذا الزاحف لا يُبالي بمثل هذه الأشياء.

ذوقه رديء، وليس لطيفًا.

حين ذهبتُ إلى هناك مساء الأمس، في العتمة، كان قد زحف إلى الأسفل، يحاول اصطياد الأسماك الصغيرة المرقطة التي تلعب في البركة، واضطررتُ إلى رميه ببعض الكتل حتى صعد الشجرة ثانيةً وتركها وشأنها.

أتساءل: هل خُلق لأجل هذا العمل القاسي؟ أليس له قلب؟ ألا يملك شفقةً على تلك المخلوقات الصغيرة؟ يبدو أنّه صُمِّمَ وصُنِعَ لمثل هذه القسوة، للأسف.

أصابت إحدى الكتل أذنه، فإذا به يتكلّم! شعرتُ برجفةٍ في داخلي، فقد كانت تلك أوّل مرّةٍ أسمع فيها كلامًا غير كلامي. لم أفهم الكلمات، لكنها بدت معبّرةً جدًّا.

More Chapters